عبد العزيز ابن عبد الجليل

نظمت أكاديمية المملكة المغربية يومي الأربعاء والخميس 16 و17 تشرين الأول/نوفمبر 2022 ندوة علمية تحت موضوع "نحو تجديد المعالجة العلمية للموسيقى الأندلسية المغربية". وقد أعدت ورقة تأطيرية جاء فيها:

ثمة مفارقة أساسية تُميز موسيقى الآلة؛ وتتمثل في كوْن هذه الموسيقى كان لها، في تاريخها الطويل، نصيب من الاهتمام العلمي على مستوى الكتابة، وتأسست حولها علوم وفهوم ساهمت في بناء معاييرها الموسيقية والجمالية التي تتماهى، إن بالسلب أو بالإيجاب، مع وسيط أساسي ومركزي يتجلى في الشفوية، غير أن هذا الوسيط يطرح اعتبارات عدة قد تنسجم أو تتناقض مع الكتابات التي أنتجت حول هذه الموسيقى في مراحل متباعدة، زماناً ومكاناً، في الأندلس ثم في المغرب.

وفي أتون هذه العلاقة بين مكون تنظيري يسعى إلى وصف الظاهرة الموسيقية ومن خلالها ينتج قواعد معينة محددة للممارسة الموسيقية، ومكون لا يؤمن إلا بصناعة المهارة الموسيقية المحضة المجردة عن أي سلطة مكتوبة تحُدُّ من حرية الإبداع التي تستجيب لما وُرثِ عن السلف مثلما تستجِيبُ - في أحايين أخرى عديدة - لمتطلبات الجمهور.  وبين هذين الاتجاهين من الفكر الموسيقي ينشب الاختلاف الذي يلقي بظلاله على قضايا وإشكالات حارقة تقع في قلب تطوير هذه الموسيقى وسبل السير بها نحو التأسيس الفني والعلمي.

ويرى الاتجاه الأول أن أغلبية المحترفين في هذه الموسيقى ظلوا يمارسونها بطريقة عفوية، وبأسلوب يطغى عليه التقليد. ونتج عن ذلك غياب الأسس العلمية للموسيقى الأندلسية وشيوع ممارسة موسيقية لأجواق تطبعها الأخطاء والانحرافات اللحنية، إضافة إلى العديد من عمليات تنويط صنائع الآلة تميزت بعدم الدقة في اختيار الألحان، والخلط بين ما هو أصلي فيها وما يعود اعتبارهُ للزخارف الزائدة، فضلا عن الكثير من مظاهر غياب ضوابط منهجية وعلمية تُبنى عليها مقررات مادة الموسيقى الأندلسية في المعاهد الموسيقية الوطنية والخاصة.

أما الاتجاه الثاني فينظر إلى الموسيقى الأندلسية المغربية باعتبارها إرثا نابعا من أحاسيس ومشاعر مبدعيها التي تستجيب، هي أيضا، لمتطلبات الجمهور وتتماهى معه حيث يضمن لهذه الموسيقى استمرارها في سياق تكيّفها مع الذائقة المجتمعية العامة.  كما يؤمن هذا الاتجاه بأن الممارسة الفنية والإبداعية غنية عن أن تُحصر في شكل قواعد ثابتة ومعايير محنطة، باعتبارها اشتغالا منسجما في إطار تعاقدات ضمنية لا تلغي حرية المبدع في شتى الأصعدة.

ولا شك أن هذه الموسيقى التي نجمت عن تلاقح ثقافات وامتزاج حضارات، وتشكلت معالمها بشكل تراكمي على مدى حقب زمنية متعددة، قطعت أشواطا كثيرة ليصلنا منها، اليوم، ميازين الإحدى عشرة نوبة المتبقية من هذا اللون الموسيقي التراثي.  وعلى الرغم من هذا النشاط الفني الكبير، في الماضي والحاضر، إلا أنه ما زالت تواجه الموسيقى الأندلسية المغربية الكثير من العوائق الناتجة عن الصعوبات التي تواجه البحث العلمي الذي من شأنه سبر أغوار هذا الفن في ذاته وأيضا في دلالته الثقافية والتاريخية والاجتماعية.

ومن هنا تأتي الحاجة إلى مواجهة بعض القضايا التي تستدعي إضاءات واجتهادات جماعية من خلال محاور لعل مقاربتها أن تكون كفيلة - بما تفترضه من رصد وتشخيص وتقويم - بأن تساهم في البناء للمنجز البحثي الذي فتحه عدد من الباحثين والدارسين في تراث موسيقى الآلة الأندلسية، وارتياد آفاق بحث جديدة، لاقتراح قواعد تمتلك ما يلزم من الكفاية العلمية لتطوير هذا النمط الموسيقي الأصيل.

ومن أجل تفعيل ما تحويه هذه الورقة التأطيرية، وجهت أكاديمية المملكة المغربية الدعوة إلى نخبة من الباحثين لتناول المحاور التالية: 

برنامج الندوة

اليوم الأول: الأربعاء، 16/11/2022

الساعة 16:00

• كلمة أمين السر الدائم للأكاديمية الأستاذ عبد الجليل الحجمري
• كلمة رئيس معهد الفنون بالأكاديمية الأستاذ نور الدين أفاية

الساعة 16:30

مدير الجلسة: الأستاذ أحمد عيدون

المحاضر: الأستاذ عبد العزيز ابن عبد الجليل

• تطور النظرية الموسيقية المرتبطة بطرب الآلة

المناقش: الأستاذ عبد الجليل الخرشفي

مناقشة عامة

المحاضر: الأستاذ عمر المتيوي

• ما بين الكتابة الموسيقية والتواتر الشفوي، والبحث في صيغ تكاملهما

المناقش: الأستاذ خالد هلالي

مناقشة عامة

اليوم الثاني: الخميس، 17/11/2022:

الساعة 9:30

مدير الجلسة: الأستاذ نور الدين أفاية

المحاضر: الأستاذ أمين الشعشوع

• نحو تأسيس قواعد نظرية لموسيقى الآلة، أسبابها ومكوناتها

المناقش: الأستاذ سفيان اغديرة

مناقشة عامة

المحاضر: الأستاذ عبد السلام بنموسى

• ضرورات المحافظة على التراث الموسيقي – الموسيقى الأندلسية نموذجاً

مناقشة عامة

الساعة 13:30  

الأستاذ عبد السلام الخلوفي

• التقرير التركيبي للندوة