عبد العزيز ابن عبد الجليل
ولد فريديريك فرانسوا شوبان Frédéric François Chopin سنة 1810 من أب فرنسي الأصل. هاجر إلى بولندا في وقت سابق. نشأ في مدينة وارسو، وفيها تلقى تعليمه بالمعهد الموسيقي المعروف حالياً باسم جامعة فريديريك شوبان للموسيقى، وفيها أيضا ألف العديد من الأعمال الموسيقية قبل أن يغادرها وهو ابن العشرين من عمره، موليا شطره نحو باريس. وفيها تعرف على بعض أقطاب التأليف الموسيقي، كان من بينهم فرانز ليست، وروبرت شومان. وخلال الثمانية عشر عاماً الأخيرة من حياته قدم فقط ثلاثين عملاً شهيراً، كان جلها مما ألفه خلال عامي 1838–1839. ويعتبر فريديريك من أبرز مؤلّفي الفترة الرومانسية.
كانَ شوبان شديد الإعجابِ بآلة الأرغن، وفي أيار/مايو عام 1825 كان أداؤه الأوّل على هذه الآلة لكونشيرتو من تأليف موشلس، بالإضافة إلى جُزءٍ من ارتجاله. ونظرا للنجاح الباهر لهذا العرض أعيد تقديمه على نفس الآلة أمام القيصر ألكسندر الأول الذي كان في زيارةٍ خاصة إلى وارسو، فما كان منه أمام إعجابه بشوبان إلا أن أهداه خاتماً ألماسياً.
كان شوبان ولوعا بالتجوال خلال إجازاته المدرسية، ففيما بين عامي 1824 و1825، أمضى إجازته في شافارنيا في ضيافَة والِد زميلَتِه في المدرسة دومينيك جيفانوفسكي؛ وهناك عرف لأول مرة موسيقى التراث الريفي البولندي.
في الفترة ما بين 1828 و1830 قام بجولات إلى برلين وفَيينا حيث أمضى أوقاتا ممتعة في سماع أعمال موسيقية لبعض كبار المؤلفين، وقدم حفلتي بيانو، وتنويعات من أوبرا دون جيوفاني لموتسارت على البيانو بمرافقة الأوركسترا.
وقد فتح نجاحه كمؤلف وعازف أمامه السبيل نحو أوروبا الغربية، فتوجه عام 1830 إلى النمسا، وفي قرارة عزمه أن يتوجه بعدها إلى إيطاليا لولا اندلاع الثورة في وارسو، فغير الوجهة نحو باريس حيث كتب له أن يمكث فيها حتى وفاته، غير أنه لم يكن يَشعُر بالارتياح في التحدّث بالفرنسية، كما لم يَعتَبِر نَفسه فرنسياً أبداً، على الرغم من نسب والده. وفي باريس التقى بمشاهير المؤلفين،
ترك شوبان ما يُقارب 230 عملاً محفوظا، علماً أن بعضَ الأعمال المُبكّرة له قد ضاعت، جُزء كبير منها معزوفات على البيانو، وجزء صغير منها إما أنه كونشيرتو بيانو أو أغانٍ مُلحّنة أو من موسيقى الحجرة.
وقد عانى شوبان من سوء وضعه الصحي وضعف بنيته الجسدية، فكان طوال حياته عرضة للأمراض، إلى أن توفي في باريس عام 1849.
البولنديات:
البولندية رقصة وطنية تراثية، تضاهي من حيث القدم والشهرة رقصة "الكراكوفَياك" Dance Cracovienne ([2]). وهي بالرغم من خضوعها أكثر من مرة للتعديل فقد حافظت على مقوماتها الأصلية كرقصة ذات إيقاع خاص يتميز بالبطء، ويوحي بمشاعر الفخر والوقار، ويحيي ذكرى نبلاء الجمهورية المضطربة الذين كانوا يرقصون عليه في عهود سابقة.
والبولندية معزوفة تكتب لآلة البيانو، ولم يكن شوبان وحده من بين مؤلفي الموسيقى الكلاسيكية من كتب في قالبها، فلقد سبقه آخرون كان من بينهم على سبيل المثال كارل ماريا فَون ويبير Carl Maria von Weber (1786 –1826).
وتذكر المصادر أن شوبان ألف ما لا يقل عن 23 بولندية لآلة البيانو ضاع بعضها، ألف أولاها وهو في السابعة من عمره، أما الأخيرة فكانت في عام 1829. وجلها مما كتبه قبل مغادرته لوطنه بولندا.
وقد توقف عن التأليف لمدة خمس سنوات بعد نزوحه من بولندا على إثر غزوها من طرف الروس، ثم لما استأنف الكتابة سنة 1837 كان قد قطع الصلة مع أسلوب وروح مؤلفاته الشبابية، وأصبحت أعماله تعكس نمط حياته الجديدة في المنفى، وتبلور مشاعره الوطنية المتأججة.
وهكذا فعندما أقدم شوبان على تأليف بولندياته في المهجر وجد فيها ما يشبه "موكب افتتاح حفلات الرقص"، وخلاصة بطولية تمثلت فيها -على حد تعبير صديقه المؤلف الموسيقي "لِيسْتْ" – "أنبلُ المشاعر التقليدية لبولندا القديمة". ثم زاد شوبان فأضاف إليها النفَس الملحمي، والتمجيد الغنائي، والغيظ الواهن الذي تشي به ذكرى وطن أَوْهَنَه الاضطهاد والاحتضار؛ وسرعان ما تتحول هذه الرقصة إلى احتجاج مؤلم ومندفع فتنبعث الذكريات الكبرى، والاستعراضات العسكرية، والأعلام الخفاقة، والملابس الفاخرة، والسيوف المتوهجة. وهنا أيضا تعلو الصيحة: أَنْ قد وصل موكب "بولندا، فارفعوا قبعاتكم يا سادة!"
استهوت "البولنديات" الكثير من عازفي البيانو، وكانت أساليب هؤلاء متباينة للغاية، ففيما انساق الكثير منهم مع الحذلقة وإبداء الارتياح والرضى، بدا آخرون وهم في نشوة الإعجاب بأنفسهم "كالهر يحكي انتفاخ صولة الأسد" ويتبادلون بعض الغمزات المشبوهة مع الجمهور، فإذا أوشكوا على نهاية الرقصة عادوا بإيقاعات المواكب الاحتفالية إلى أجواء "نافخي الأبواق" الرياضية.
أما عازف البيانو آرثر روبينشتاين Arthur Rubinstein ([3]) الذي قام بعزف ثمانية من بولنديات شوبان، فهو يشذ عن كل هؤلاء العازفين، فقد هيمن على الساحة الفنية بأسلوبه الخاص على مدى ثلاثة أرباع القرن العشرين، تميز خلالها بخطابه الرومانسي الرائع وبأسلوبه الذي لم تَشُبْهُ أي شائبة، كما تميز بتقنية في العزف لم تكن تتطلب جهدا بقدر ما تخلت عن المشاهد المتكلفة للتمارين المحفوفة بالمخاطر، وبذلك جاء أسلوبه معبرا خير تعبير عن الحيوية الرومنسية، بعيدا عن المغالاة والصخب.
[1] Revue MUSICA n° 26 Mai 1956 imp CHAIX (seine) pp 16 - 17
[2]) رقصة كراكوفياك رقصة تراثية بولندية تعود أصولها لمدينة كراكوف، ويغلب عليها الطابع الرومانسي، وتعتبر من الرقصات الوطنية لبولندا مع رقصة بيلونيس ومازوركا. قام عدة مؤلفين موسيقيين مثل فريدريك شوبان وميخائيل غلينكا بتأليف عدة ألحان لهذه الرقصة.
[3] ) آرثر روبنشتاين عازف بيانو بولنديً المولد في28 يناير 1887، أمريكيً الإقامة، يعتبره الكثير من النقاد أعظم مترجم لألحان شوبان في زمانه على نطاقٍ واسعٍ، وهو واحدً من أعظم عازفي البيانو الكلاسيكيين في القرن العشرين. توفي في 20 ديسمبر 1982.
مجلة موسيقية تصدرعن المجمع العربي للموسيقى الذي هو هيئة متخصصة من هيئات جامعة الدول العربية وجهاز ملحق بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، يعنى بشؤون الموسيقى على مستوى العالم العربي، ويختص تحديداً، وكما جاء في النظام الأساسي للمجمع، بالعمل على تطوير التعليم الموسيقي في العالم العربي وتعميمه ونشر الثقافة الموسيقية، وجمع التراث الموسيقي العربي والحفاظ عليه، والعناية بالإنتاج الموسيقي الآلي والغنائي العربي والنهوض به.
https://www.arabmusicacademy.orgتشرين1 01, 2023
تشرين1 01, 2023
تشرين1 01, 2023
تشرين1 01, 2023
تشرين1 01, 2023
تشرين1 01, 2023
تشرين1 01, 2023
Total Votes: | |
First Vote: | |
Last Vote: |
تشرين1 01, 2023 Rate: 5.00
تشرين1 01, 2023 Rate: 5.00
تشرين1 01, 2023 Rate: 5.00
شباط 26, 2019 Rate: 5.00
آذار 31, 2021 Rate: 5.00
أيار 27, 2021 Rate: 5.00
أيار 07, 2013 Rate: 1.00
أيار 02, 2015 Rate: 1.50
حزيران 30, 2012 Rate: 5.00