الدليل البيبليوغرافي للموسيقى في الغرب الإسلامي - مقاربة تحليلية نقدية

أ. د. رامي حداد (الاردن)

يقدم لنا الباحث في الموسيقى العربية عبد العزيز ابن عبد الجليل كتابه الموسوم بعنوان "الدليل البيبليوغرافي للموسيقى في الغرب الإسلامي - مقاربة تحليلية نقدية"، وهو من مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية. وكلمة بيبليوغرافي تعني في اللغة العربية فهرسة للأسماء أو الكتب وأماكن وجودها سواء على شكل مطبوعات أو مخطوطات، ‏هذا، ولم يكتف مؤلف الكتاب بتلك الفهرسة دون أن يقدم نقدا للبيبليوغرافية التي أوردها في مؤلفه.

‏ومن الملاحظ أن الباحث بذل جهدا كبيرا في إصداره لتلك الببليوغرافية، إذ أن الكثير من التراث المتعلق بالموسيقى، خصوصا في منطقة شمال إفريقيا، قد عانى من الضياع والإهمال‏، وقد جمع الباحث في مؤلفه بين عدة منهجيات؛ الأولى كانت المنهج التاريخي، إذ استعان بالمخطوطات والمصادر التاريخية، كما استخدم أسلوب الدراسات المسحية في جمع المعلومات، بالإضافة لما قدمه من دراسة تحليلية نقدية وهو نوع آخر من أساليب البحث العلمي، مما جعل للكتاب قيمة علمية جديرة بالتقدير، ‏وقد شرع الباحث في كتابه للكشف عن جوانب مهمة تتعلق بارتباط الموسيقى بالمعارف الأخرى من قبيل الأحكام الفقهية، والفتاوي، والتصوف، ‏كما وسعى الباحث لبيان أهمية الموسيقى في المنظومة الوظيفية، والاجتماعية، والأخلاقية، والدينية، ‏هذا بالإضافة إلى الوقوف على أصناف القوالب الموسيقية وأنواعها، الشعبية منها وغير الشعبية.

لقد صنف الباحث مصادره في ستة عشر بابا رئيسية، جاء الباب الأول بعنوان المصادر الناظرة في مناهج تعليم الموسيقى وتحليل نظرياتها وضبط قواعدها وبيان طبوعها ومقاماتها وإيقاعاتها، أما الباب الثاني فقد رصده الباحث للمصادر المهتمة بتاريخ الموسيقى وأخبار أعلامها وبيان أنماطها، وآلاتها ومجلات ممارستها، وفي الباب الثالث قدم الباحث مصادر الموسيقى الأندلسية كجزء من العالم الغربي الإسلامي وأدرج في هذا الباب الكتب التي اهتمت بالنظر في التراث الموسيقى والغنائي في شبه جزيرة أيبيريا منذ أن فتحها المسلمون وما توارثته بلدان المغرب العربي أثر نزوحات الأندلسيين إليها. وفي هذا الباب تحديدا، ونظرا لتوفر الموروث الأدبي الموسيقي المطبوع، فقد قسّمه الباحث إلى أربعة أقسام؛ أولا - التراث الذي اختص بالمغرب، وثانيا - التراث المصطلح عليه باسم "الطرب الغرناطي" في غرب الجزائر وفي كل مدينتي الرباط ووجدة و"الصنعة" في العاصمة الجزائرية و"المالوف" في قسنطينة، وثالثا - التراث الذي اصطلح عليه اسم "المالوف" في تونس، ورابعا - التراث الذي اصطلح عليه اسم "المالوف" في ليبيا.

أما في الباب الرابع فقد قدم الباحث مصادر المديح والسماع، وأدرج الكتب التي تعرِّف بهذا الفن، وفي الباب الخامس أدرج مصادر مسألة السماع ويتضمن الكتب المُلمّة ببيان مواقف الفقهاء والمتصوفة من ممارسة الغناء والعزف على الآلات الموسيقية وإعطاء الأجر عليها. وفي الباب السادس تحدث الباحث عن مصادر الفنون الشعبية، وفي السابع في مصادر الطرب الملحون، وفي الثامن تناول مصادر مجاميع الشعر الملحون، وفي التاسع شرح مصادر الأناشيد، وفي الباب العاشر تحدث عن صدى كتاب الأغاني في مؤلفات الغرب الإسلامي، وفي الباب الحادي عشر أخذ مصادر الموسيقى الحسانية مبحثا له، وفي الباب الثاني عشر تناول الندوات والمؤتمرات والدوريات وقد أدرج أعمال الندوات واللقاءات والمناظرات والمؤتمرات المنعقدة حول الموسيقى العربية في بلدان المغرب العربي، وفي الباب الثالث عشر اختار الباحث المعاجم الموسيقية موضوعا له، أما في الباب الرابع عشر فقد كان اتجاهه نحو المدونات الموسيقية، وفي الباب الخامس عشر تناول النقد الموسيقي، وختم الباب السادس عشر في الدلائل الببليوغرافية.

لقد تباينت المعلومات الواردة في الكتاب بين ما هو متاح وتتوافر عنه المعلومات بشكل كافِ وكبير، وبينما هو ضحل لا توجد عنه الكثير من المعلومات، وذلك حسب ما توفر لديه من مخطوطات ومراجع، وقد اعتمدت أساسا على ما هو موجود في الخزانات والمكتبات من كتب وأدلة ومنشورات.

إن لتأليف مثل هذه الببليوغرافية من الأهمية الكبرى لضمان الحفاظ على الإرث الأدبي المتعلق بالموسيقى في "المغرب الإسلامي" كما أسماها المستشرق الفرنسي "ليفي بروفانسال"، وقد تبنى الباحث تلك التسمية، كما أن التبويب الذي اعتمده الباحث قد شمل المصادر العربية الأصليّة، وما نقل إليها من اللغات الأجنبية، وهو باعتقادي تصنيف ذكي.

كما حرص الباحث على الأمانة العلميّة في التوثيق، سواء للمصادر أو المراجع أو المخطوطات وأماكن وجودها حتى يسهّل لذوي الاهتمام الرجوع إلى تلك الببليوغرافية بكل يسر، كما عمد إلى ختم كتابه بفهرس المصادر والمراجع الببليوغرافية ليسهل على القارئ البحث عنها داخل كتابه، وأتبعها بفهارس للمترجمين، والنساخ، ومظان الكتب أو مواضعها، وفهرس المصادر والمراجع وفهرس الأعلام، وفهرس المصطلحات الواردة في الكتاب، وختمها بفهرس الكتاب.

إن ما بذله الباحث في هذه الببليوغرافية لجهد يستحق الشكر والثناء، وقد قدمه بلغة عربية قويّة تظهر للقارئ براعته فيها من الصفحات الأولى، كما أنها مدعاة جيدة للأكاديميين والباحثين والمهتمين بشؤون الموسيقى العربية للقراءة والتأليف والاستقصاء والبحث، من أجل الحفاظ على التراث الأدبي المتعلق بموسيقانا العربية وما ارتبط بها من مصادر ومخطوطات.

Rate this item
(1 Vote)
مجلة الموسيقى العربية

مجلة موسيقية تصدرعن المجمع العربي للموسيقى الذي هو هيئة متخصصة من هيئات جامعة الدول العربية وجهاز ملحق بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، يعنى بشؤون الموسيقى على مستوى العالم العربي، ويختص تحديداً، وكما جاء في النظام الأساسي للمجمع، بالعمل على تطوير التعليم الموسيقي في العالم العربي وتعميمه ونشر الثقافة الموسيقية، وجمع التراث الموسيقي العربي والحفاظ عليه، والعناية بالإنتاج الموسيقي الآلي والغنائي العربي والنهوض به.

https://www.arabmusicacademy.org

link

 

ama

اشترك في قائمتنا البريدية

Please enable the javascript to submit this form

هل تعكس الموسيقى العربية المعاصرة تطلعات الشباب وقيمهم؟
  • Votes: (0%)
  • Votes: (0%)
  • Votes: (0%)
Total Votes:
First Vote:
Last Vote:
Copyright © 2012 - ArabMusicMagazine.com, All Rights Reserved, Designed and Powered by ENANA.COM